مصطفى العقاد.. المخرج المبدع الذي أظهر للعالم عظمة الرسالة المحمدية

1930- 2005/ سوري

عاش أمريكيا بحلم عربي، وكانت تجربته السينمائية خير شاهد على ذلك، ولم يمهله الموت كي يحقق حلمه بأن يجسد ملحمة القائد صلاح الدين الأيوبي وتحرير القدس.

الولادة والنشأة:

ولد مصطفى العقاد في 1 يوليو عام 1930 في حي الأزبكية الشهير في مدينة حلب- سورية، ونشأ في أسرة تعيش حياة بسيطة، حيث كان والده يعمل ضابطاً في الجمارك أثناء الانتداب الفرنسي على سورية، ووالدته تركية الأصل تعمل ربة منزل.

ومنذ طفولته ظهرت عليه علامات حب التصوير، ففي عمر ال10 سنوات أجاد استخدام الكاميرا، حيث كان يقوم بتصوير أخوته وأصدقائه ومن ثم يقوم بتحميض هذه الصور وحده في حمام المنزل وهو ما أثار دهشة العائلة.

كما أحضر ذات يوم جهاز سينما بدائي نوع ما، وشغل خلاله فيلماً لأطفال الحارة يتحدث عن العادات الجيدة والتقاليد السامية.

الدراسة:

– درس مصطفى العقاد المراحل التعليمية الأولى في مدينة حلب، حيث تمكن من الحصول على ثلاث شهادات ثانوية، بالعربية والفرنسية والانكليزية، والذي دفعه إلى كل هذه الدراسة هو حبه للسينما وتحقيق حلمه بالذهاب إلى هوليوود.

ثم التحق بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس لدراسة الفنون المسرحية، وحصل على درجة البكالوريوس في الإخراج والإنتاج السينمائي، وتفوق على زملائه إذ لا يزال اسمه موجوداً في قائمة المتميزين حتى يومنا هذا.

ثم حصل على الدكتوراه من جامعة جنوب كاليفورنيا.

الأعمال:

بعد التخرج من الجامعة، عمل مصطفى العقاد مساعداً للمخرج ألفرد هيتشكوك.

أما عمله الاحترافي فبدأ من التلفزيون، عندما قام بإنتاج سيرة ذاتية تتحدث عن مختلف الجماعات الأثنية في الولايات المتحدة الأمريكية، وكيف تؤثر خلفياتهم الأثنية على أسلوب حياتهم.

ولكن العقاد تعلّم درساً هاماً عندما عرضت عليه محطة NBC راتباً أفضل مقابل ألا يضع اسمه على ذلك المشروع.

وعام 1976 صنع العقاد أول أفلامه المميزة وهو فيلم (الرسالة) بنسختيه العربية والانكليزية، حيث أنتجه وأخرجه، والفيلم من بطولة أنتوني كوين للنسخة الإنكليزية، وعبدالله غيث للنسخة العربية، ويتحدث الفيلم عن نشأة الإسلام من خلال السيرة النبوية.

إلا أن اتحاد علماء المسلمين في مكة المكرمة لم يكن راضياً عن هذا العمل وحاول ممارسة الضغوط على مموليه، ولكن بسبب دعم الأزهر له والتمويل الذي قدم من دول المغرب العربي والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي واستضافتهم لموقع التصوير أبصر الفيلم النور.

ولكن الفيلم لم يحقق نجاحاً كبيراً في شباك التذاكر الأمريكي، بسبب عدم إظهار النبي محمد (ص) في المشاهد لأسباب دينية، إلا أنه حقق نجاحاً ضخماً في باقي أنحاء العالم، وفتح للمخرج مصطفى العقاد أبواب العالمية.

وبعدها في عام 1978 جاء جون كاربنتر إلى العقاد بسيناريو فيلم (الهالوين) واتفق معه على أن يكون من إخراج جون كاربنتر وإنتاج مصطفى العقاد، وحقق الفيلم نجاحاً كبيراً، وهو من بطولة جيمي لي كورتيس و دونالد بليزانس.

ويعتبر (الهالوين) أول أفلام السلسلة المرعبة التي أنتجها، ويتحدث الفيلم عن جرائم قتل ارتكبها قاتل مهووس يرتدي قناعاً أبيض، وهو من أهم أفلام الرعب النفسي والفانتازيا حتى يومنا هذا.

وفي عام 1981 عاد العقاد للإخراج من خلال فيلم “أسد الصحراء”، وهو من بطولة أنتوني كوين، حيث يحكي الفيلم قصة قائد الثورة الليبية عمر المختار والمعارك التي خاضها والثوار الليبيين ضد الإحتلال الإيطالي.

وكذلك تلقى هذا الفيلم التمويل من الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، ولكن بسبب طابعه السياسي لم يحقق نجاحاً في شباك التذاكر الأمريكية.

أفلام الهالوين:

كان هذا العمل آخر أعمال مصطفى العقاد الإخراجية حيث عاد بعد ذلك لإنتاج سلسة أفلام الهالوين، وهي:

• عام 1981 (Halloween II) وهو تكملة للجزء الأول من رحلة القاتل الذي يطارد ه طبيب نفسي لإيقافه، ومن بطولة الممثلين ذاتهم في الجزء الأول، ومن إخراج ريك روزنتال.
• وعام 1982 (Halloween III: Season of the Witch) أو زمن السحرة، ويحكي الفيلم رحلة مجرم يدعى مايكل يقوم بقتل الأبرياء، ومن بطولة توم اتكينز وستايسي نبلكين، دان أوهيرليهي.
• وفي عام 1985 أخرج فيلم موعد مع الخوف Appointment with Fear وهو فيلم رعب جديد بعيد عن سلسلة الهالوين من بطولة دوغلاس رو وميشيل ليتل، ويحكي قصة محقق يبحث عن مرتكب مجموعة جرائم قتل حيث يقوده التحقيق إلى نزيل في أحد الأديرة شديدة التحصين.
• وعام 1988 أنتج العقاد الجزء الرابع من سلسلة أفلام هالوين (Halloween 4: The Return of Michael Myers) أو (عودة مايكل).
• عام 1989 (Halloween 5: The Revenge of Michael Myers) أو(انتقام مايكل) وهو من بطولة دونالد بليسينسو ايلي كورنيل، ويحكي الفيلم عن عودة القاتل مايكل من أجل تتبع ابنة أخته جيمي وقتلها،
• وعام 1995 (Halloween: The Curse of Michael Myers) أو (لعنة مايكل مايرز) الذي يواصل جرائمه وهذه المرة يتابع ابنة عمه لوري التي تعد آخر أقاربه على قيد الحياة، ويكشف الفيلم أيضا مصدر خلود مايكل وأسباب اندفاعه للقتل.
• وفي عام 1998 (Halloween H20: 20 Years Later) أو (بعد عشرين عاماً) وهو الجزء السابع من السلسلة أنّ ابنة عمه لوري قد زورت وفاتها من أجل الهروب منه حيث يجدها تعمل في إحدى المدارس الداخلية في كاليفورنيا. والفيلم من بطولة جيمي لي كورتيس، آدم أركين، ميشيل ويليامز.
• وعام 2002 (Halloween: Resurrection)، يعد فيلم (القيامة) آخر أفلام المنتج والمخرج العالمي مصطفى العقاد وهو الجزء الثامن من سلسلة الهالوين، ويحكي فيه عودة المجرم مايكل إلى مسقط رأسه في هادفيلد حيث يستخدم منزل طفولته المهجور في يث عرض رعب مباشر على الانترنت. والفيلم من بطولة بوستا رايمز، بيانكا كاجليش، توماس إيان نيكولاس.

وكان قد تخلل هذه الأفلام عام 1986 أنتج العقاد أول فيلم كوميدي وهو فيلم (Free Ride – توصيلة مجانية) يحكي قصة شاب يسرق سيارة محملة بمئات آلاف الدولارات من مجموعة لصوص من أجل أن يثير انتباه حبيبته.

وعام 1995 قرر العقاد أن يقوم بإنتاج فيلم يتحدث عن القائد صلاح الدين الذي حارب الصليبيين، إلا أنه لم يستطع إيجاد التمويل الكافي لإنتاج العمل.

الحياة الشخصية:

تزوج مصطفى العقاد من باتريسيا وهي سيدة أمريكية حاصلة على شهادة الماجستير في الآداب والفنون، وأنجبا ثلاثة أولاد (ريما – طارق – مالك)، لكنه انفصل عنها.

تزوج العقاد للمرة الثانية من السيدة سهى العشي، ولهما ابن وحيد اسمه زيد.

الوفاة:

توفي مصطفى العقاد في 11نوفمبر عام 2005 مع ابنته ريما، وذلك ضمن التفجير الإرهابي الذي استهدف عمان عاصمة الأردن متأثراتً بإصابته التي تبعت نوبة قلبية شديدة.

حيث كان في زيارة إلى العاصمة الأردنية عمان، وكان يقوم باستقبال ابنته ريما القادمة من بيروت من أجل حضور زفاف في فندق (غراند حياة) الذي يقيم فيه، حيث حدث التفجير.

وتم نقل جثمانه إلى مسقط رأسه في حي الأزبكية في حلب.

الجوائز والتكريمات:

• أخرج المغربي محمد بلحاج الفيلم الوثائقي “هل تستمر الرسالة؟” روى فيها تفاصيل الحياة المبدعة للعقاد.
• وقد نال مصطفى العقاد جوائز كثيرة في عدد من المهرجانات السينمائية العربية والدولية، كما نال أوسمة عديدة من زعماء عرب وأجانب، وكُرِّم من طرف الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون وكان من المفترض أن يكرم في مهرجان دمشق السينمائي الأخير لكن وفاته حالت دون ذلك.

الأقوال:

عندما سألوه لماذا لم تأت ببطل مسلم يجسد دور عمر المختار وأتيت بالنجم انتوني كوين قال مصطفى العقاد:

• “لكي يقتنع الغربيون بقضيتنا بالظلم الذي لحق بنا لا بد من تقديم قضيتنا من خلال وجوه يعرفونها ويحبونها، فلا أحد في الغرب سيشاهد فيلماً عن العرب يقوم به العرب”.
• “الوجوه المبتسمة لا تعني اختفاء الأحزان، بل تعني أن أصحابها قادرون على التعامل معها”.
• “الشي الوحيد الذي يمكننا أن نفتخر به اليوم نحن العرب هو تاريخنا”.
• سألوا العقاد: لماذا لم تغير اسمك لتجد فرصا أفضل ؟ قال: “كيف اغيره وانا قد ورثته عن والدي”.
• “عملت في الأفلام الوثائقية، التسجيلية، وهذه أعطتني الخبرة حول عملية المونتاج، أنا أعتقد أن كل مخرج لا يعرف المونتاج لا يمكن أن يخرج… عملية الأفلام الوثائقية تعتمد على المونتاج”.
• “الحقيقة يجب أن ننصف الفنانين العرب، فنحن لا يمكن أن نقارن فيلمي «الرسالة» أو «عمر المختار» بأي فيلم عربي، «الرسالة»، و«عمر المختار» يمكن اعتبارهما من الأفلام العالمية، بمضمون ومحتوى عربي، نحن هنا نعمل بميزانية تقدر بالملايين، بينما المنتج العربي يعمل بميزانية قيمتها قيمة تكلفة نصف يوم عمل عندنا، لذلك من الصعب عليه اتباع طريقتنا”.
• “لا يمكن أن أعتبرَ نفسي مناضلا نذر نفسه، ولكن كأي عربي أشعر بقضايا بلدي وضمن نطاق عملي أسعى لخدمة قضايا العرب”
• “يصعب تقديم كل التاريخ في فيلم واحد، ثم إن هناك صراعات ضد «الرسالة»، ولكنها ليست ذات أهمية بالنسبة لي. ركزنا على قضية الحبشة والمسيح عليه السلام ونظرة الإسلام للمسيح وهي طريقة للدخول إلى العالم الغربي”.
• “أنا أعتبر نور الشريف ممثلاً، بكل معنى الكلمة، و(عبد الله غيث) أعتبره ممثلا مثل أنطوني كوين”.
• لا أوسكارات ولا جوائز كان ولا نقاد ولا أوسمة تساوي أي فيلم ناجح جماهيرياً، وإذا استطعت ان تصنع فيلماً جيداً جداً يصل الى حد أنه تحفة فنية ولم يصل للجمهور فهو فيلم فاشل جدا”.
• ” صلاح الدين يمثل الاسلام تماماً”.

المصادر:

• https://mubasher.aljazeera.net/
• https://arz.wikipedia.org/
• https://arabic.euronews.com/
• https://ar.wikiquote.org/
• https://www.alaraby.co.uk/
• https://ar.wikipedia.org/
• https://www.albayan.ae/