كريستوفر كولومبس.. “أميرال البحر والمحيط” ومكتشف الأمريكيتين

1451- 1506/إيطالي

 أحد أشهر الشخصيات في تاريخ الاكتشافات الجغرافية،أطلق عليه لقب “أميرال البحر والمحيط” وينسب إليه اكتشاف قارتي أمريكا الشمالية والجنوبية.

الولادة والنشأة :

ولد كريستوفر كولومبوس في عام 1451، في مدينة جنوة شمال غرب إيطاليا. نشأ في أسرة بسيطة، وهو الابن الأكبر بين 5 أشقاء، والده هو دومينيكو كولومبو الذي كان ينتمي للطبقة الوسطى ويعمل في حياكة الصوف، أيضاً والدته كانت ابنة حائك.

الدراسة :

كان نصيب كريستوفر كولومبوس من الدراسة الرسمية قليلاً ولم يتعلم القراءة والكتابة إلا عندما ذهب للبرتغال، درس هناك الرياضيات والفلك وعلم الملاحة والخرائط في لشبونة.

الأعمال :

بدأ كريستوفر كولومبس الإبحار في سن الـ14 عندما عمل في سفينة تجارية، وفي عام 1473 كان في خدمة تجار جنوة، وركب السفن المستخدمة في الحركة التجارية البحرية الكبيرة.

في عام 1476 عمل بحارا في خدمة البرتغاليين، وكانوا أفضل البحارة في ذلك الوقت، حيث كانت مملكة البرتغال أول دولة أوروبية تنطلق لغزو المحيطات.

في ذلك الوقت كان ربانا بحريا في الأسطول التجاري البرتغالي، فتعلم كل أصول الملاحة التي يمكن أن تكتسب من ممارسة العمل في السفن، إضافة لذلك فقد كان قارئا شغوفا لجميع كتب الجغرافيا وعلم الفلك.

عندما بلغ الـ 24 من عمره استقر في مدينة لشبونة مركز المشاريع البحرية الأوروبية آنذاك ، عمل مع أخيه الأصغر بارثولميو في تصميم و طبع الخرائط، التي كانت توضع بناءً على المعلومات ومسودات الرسوم التي يعود بها البحارة من رحلاتهم.

تمنى كولومبوس أن يصل إلى جزر الهند عبر المحيط الأطلسي و نمت هذه الأمنية بشكل كبير، وذلك لعدة أسباب و عدة عوامل منها، رؤيته للخرائط الجغرافية التي أنتجها شقيقه، والقصص التي وصلت إلى السواحل البرتغالية واكتشافات القطع الأثرية قبالة جزر المحيط الأطلسي.

هدف كولومبس كان الوصول إلى -جزر الهند- شرقي آسيا بالإبحار غربا، وانطلاقا من وجهة النظر هذه قرر خوض المغامرة .

قدم كولومبوس اقتراحاً برحلةً من ثلاث سفن للاسكتشاف عبر المحيط الأطلسي، فأرسل أولًا إلى الملك البرتغالي، ثم إلى جنوى وأخيرًا إلى البندقية.  لكن تم رفضه في كل مرة.

في عام 1486 توجه إلى الإسبانية إيزابيلا ملكة كاستيل وفرديناند ملك أراغون، لكنهما رفضا مساعدته لأن تركيزهما في البداية كان منصبًا على الحرب مع المسلمين في الأندلس، كما أن الخبراء البحريين كانوا في شكٍ وتردد، لذلك تم رفض كولومبوس في البداية.

تابع كولومبوس الضغط على البلاط الملكي، وقد نجح في نهاية المطاف،  فبعد وقتٍ قصير من استيلاء الجيش الإسباني على آخر معقلٍ مسلم في غرناطة في كانون الثاني/ يناير من عام 1492، وافق الملكان على تمويل بعثته .

غادر كريستوفر كولومبس إسبانيا في آب/ أغسطس من عام 1492 مع ثلاث سفن، كان يبحر في سانتا ماريا، مع بينتا ونينيا جنبًا إلى جنب.

وصل كولومبوس وعدة أفراد من الطاقم إلى جزيرةٍ في جزر البهاما في الوقت الحاضر، ليدعي فورًا أنّها لإسبانيا وذلك بعد 36 يوماً من الإبحار غربًا عبر المحيط الأطلسي.

قابلوا هناك مجموعةً وديةً من المواطنين الذين كانوا منفتحين على التجارة مع البحارة، وتبادل الخرز الزجاجي وكرات القطن والببغاوات والرماح.

تابع كولومبوس ورجاله رحلتهم وزاروا جزر كوبا (التي كان يعتقد أنها الصين القارية)، وهيسبانيولا (التي هي الآن هايتي والجمهورية الدومينيكية، ظن كولومبوس أنها قد تكون اليابان)، والتقوا قادة السكان الأصليين.

في هذا الوقت، تعرضت سانتا ماريا للدمار قبالة سواحل هيسبانيولا بسبب  الشعاب المرجانية ، وبمساعدة بعض سكان الجزر نجح رجال كولومبوس في إنقاذ ما استطاعوا وبناء مستوطنة فيلا دي لا نافيداد “مدينة الكريسماس” من خشب من السفينة.

بقي تسعة وثلاثون رجلًا لاحتلال المستوطنة، وظناً منه بأن استكشافه قد وصل إلى آسيا، فقد أبحر عائدًا إلى الوطن مع السفينتين المتبقيتين.

في عام 1493، عاد كولومبوس إلى إسبانيا، وقدم تقريرًا مبالغًا فيه إلى حدٍ ما، وتم استقباله بحفاوة من قبل المحكمة الملكية.

في نفس العام، رجع كولومبوس إلى البحار في رحلته الثانية لاستكشاف المزيد من الجزر في المحيط الأطلسي،وعندما وصل  إلى هيسبانيولا اكتشف كولومبوس وطاقمه أن مستوطنة نافيداد قد دمرت مع قتل جميع البحارة.

لم يوافق كولومبس على رغبات الملكة التي هاجمت فيها العبودية، وقام بفرض سياسة العمل الجبري على السكان الأصليين لإعادة بناء المستوطنة واستكشاف الذهب، ظناً منه بربحٍ وفير.

سياسته هذه، أدت إلى إنتاج كمياتٍ صغيرةٍ من الذهب والكثير من الكراهية بين السكان الأصليين، وقبل أن يعود إلى  إسبانيا ترك كولومبوس أخويه بارثولوميو ودييغو ليحكموا مستوطنة هيسبانيولا، وقام بالابحار لفترةٍ وجيزة حول جزر الكاريبي الكبرى.

لم يتمكن كولومبوس من الوصول إلى البر الرئيسى إلا بعد رحلته الثالثة، استكشف نهر أورينوكو فى فنزويلا الحالية.

أما  في مستوطنة هيسبانيولا فقد تدهو الوضع إلى حد الاقتتال، حيث ادعى المستوطنون أنهم ضُللوا من ادعاءات كولومبوس بالثراء وشكوا من سوء إدارة أشقائه.

قام التاج الإسباني بإرسال مسؤولًا ملكيًا قبض على كولومبوس وجرده من سلطته، وعاد إلى إسبانيا مقيدًا لمواجهة المحكمة الملكية.

في وقت لاحق، تم إسقاط التهم عنه ، إلا أن كولومبوس فقد لقبه كحاكمٍ لجزر الهند، وأيضاً فقد الكثير من ثرواته التي جناها في رحلاته.

الرحلة الأخيرة:

في عام 1502، ذهب كولومبس في رحلته الأخيرة وذلك بعد أن أقنع  للملك فرديناند أن رحلةً واحدةً أخرى من شأنها أن تجلب الثروات الوفيرة التي وعد بها، وفي محاولة فاشلة للبحث عن طريق إلى المحيط الهندي، سافر كولومبس على طول الساحل الشرقي لأمريكا الوسطى، دمرت عاصفة إحدى سفنه التي تحمل القبطان والبحارة في جزيرة كوبا. وهنا رفض سكان الجزر المحليون تقديم الطعام للإسبان الذين تعبوا من سوء معاملتهم وهوسهم بالذهب.

في 29 شباط/ فبراير 1504  استغل كولومبس الكسوف القمري  الذي أخاف المواطنين بما فيه الكفاية لإعادة العلاقات مع الإسبان، حيث ادعى كولومبوس أنّ غضبهم منه أخذ القمر منهم. وقد وصل أخيرًَا طرف إنقاذٍ أرسله الحاكم الملكى لهيسانيولا فى تموز/ يوليو، وتم نقل كولومبوس ورجاله إلى إسبانيا فى نتشرين الثاني/ نوفمبر عام 1504.

وفي نهاية المطاف، فشل كولومبس في العثور على ما قال عنه طريقًا جديدًا إلى آسيا والغنى الذي وعد به.

أسفرت حملات كولومبوس عن نقلٍ واسع النطاق للناس والنباتات والحيوانات والأمراض والثقافات التي أثرت بشكلٍ كبيرٍ تقريبًا في كل مجتمع على هذا الكوكب.

أيضاً جاء الحصان من أوروبا وسمح للقبائل الأمريكية الأصلية في السهول العظمى من أمريكا الشمالية بالانتقال من البداوة إلى نمط حياة صيد، وبسرعة أصبح القمح الذي عُرفَ من العالم القديم مصدرًا للغذاء الرئيسي للناس في الأمريكتين.

أيضاً أصبحت القهوة القادمة من أفريقيا وقصب السكر من آسيا محاصيل ذات قيمةٍ نقديةٍ كبيرة لدول أمريكا اللاتينية، وباتت الأطعمة من الأمريكتين مثل البطاطا والطماطم والذرة المواد الغذائية الأساسية للأوروبيين وساعدت على زيادة سكانها.

الحياة الشخصية :

تزوج كريستوفر كولومبس من فيليبا بيرستريلو وذلك بعد استقراره في لشبونة. ورزق الزوجين بولد واحد يدعى دييغو وُلد حوالي عام 1480 وبعد فترة وجيزة توفيت زوجته.

انتقل كولومبوس إلى إسبانيا، أقام علاقة غير شرعية مع بياتريز إنريكيز دي أرانا ورزق منها بولد يدعى فرناندو في عام 1488.

الوفاة :

توفي كريستوفر كولومبس في 20 أيار/مايو عام 1506 عن عمر ناهز الـ 55 عاماً وسط عائلته في بلد الوليد بإسبانيا نتيجة إصابته بنوبة قلبية بسبب ما يعرف بـ”متلازمة رايتر” (النقرس أو التهاب المفاصل) التي كان يعاني منها منذ عدة سنوات ،دفن في دير كارثوسيان في سانتا ماريا دي لاس كويفاس بإشبيلية.

الجوائز والتكريمات:

• تحول البيت الذي توفي فيه كريستوفر كولومبس في بلد الوليد في 1506 إلى متحف مكرس له.
• عام 2007 احتل كولومبوس المركز الثالث، بعد العاهل الإسباني خوان كارلوس الأول وميغيل دي ثيربانتس ـ في استفتاء إل إسبانيول دي لا إستوريا (الإسباني التاريخي).
• يتم إحياء ذكرى هبوط كلومبس في عام 1492 على الأمريكتين بإسم يوم كلومبس في 12 اكتوبر في إسبانيا وفي أرجاء الأمريكتين، عدا كندا. وفي الولايات المتحدة فإنه يتم إحياء ذلك اليوم سنوياً في ثاني يوم إثنين في شهر أكتوبر.

 الأقوال :

يقول كريستوفر كولومبس:

• “من خلال تتبع ضوء الشمس، تركنا العالم القديم”.
• “لا ينبغي أن نألوا جهدًا باسم الرب، طالما النية الخالصة هي خدمته”.
• “لن تعبر المحيط ما لم تتحلَّ بالشجاعة لتترك الشاطئ يغيب عن ناظريك”.
• “قيمة الفكرة تظهر عند اكتشافها وبعد قليل تصبح عادية لدى كثيرين”.

المصادر:

• https://www.arageek.com
• https://www-aljazeera-net.cdn
• https://ohioinarabic.com
• https://ar.wikipedia.org/