المقتفي لأمر الله.. أحد أقوى خلفاء الدولة العباسية

1096- 1160م/ عراقي

خليفة ذو عقل ودين وفضل ورأي وسياسة، أعاد للخلافة العباسية هيبتها، وأعادة بسط سيطرته على أقاليم الخلافة، كما قضي على المناوئين له ونشر الأمن والرفاه في أرجاء دولته.

الولادة والنشأة:

ولد الخليفة أبو عبد الله محمد المقتفي لأمر الله بن المستظهر بتاريخ 489ه‍ الموافق ل1096م في مدينة بغداد بالعراق. وهو ابن الخليفة العباسي أحمد المستظهر بالله وأمه ست السادة نسيم الحبشية.

الدراسة:

درس المقتفي لأمر الله العلوم الشرعية، كما درس العلوم الدنيوية على يد كبار العلماء في بغداد، حتى برع فيها جميعاً.

الأعمال:

بعد خلع الخليفة الراشد بيومين تم تنصيب المقتفى لأمر الله، وخطب له على المنابر في يوم الجمعة الواقع في 20 ذو القعدة سنة 530هـ الموافق 26 أغسطس 1136م، وله من العمر أربعين عام وهو الخليفة الواحد والثلاثين من الخلفاء العباسيين.

وبعد توليه الخلافة بسنتين أي عام 1138وقع زلزال بالقرب من مدينة حلب شمالي بلاد الشام، وتاريخياً يعتبر هذا الزلزال رابع أخطر زلزال في التاريخ، فهو من بين أكثر الزلازل دموية في التاريخ، فلقد بلغ عدد الضحايا الذين سقطوا بسببه 230 ألف قتيل، وكانت حلب أنذاك تحت حكم الأسرة الزنكية الموالية للخلافة العباسية. وقد إستغل الزنكيون لاحقاً دمار قلاع الفرنجة فزادوا جهودهم لتحرير بلاد الشام منهم.
–
وأما الخليفة العباسي محمد المقتفي لأمر الله فقد أرسل الأموال والقمح إلى حلب لمواجهة هذه الكارثة. كما دعم السكان وتبني الأيتام ورعاهم. وبالإضافة لذلك فقد بذل الأموال لإعادة بناء المدينة وما حولها وكذلك في زيادة التحصينات.

تحرير الرها

قام كونت الرها الفرنجية جوسلين الثاني سنة 1144 م بالخروج من الرها مع معظم جيشه لمساندة أحد حلفائه ضد عماد الدين زنكي حاكم الموصل وحلب بصفته والياً للخليفة العباسي، فسارع عماد الدين زنكي بحصار الرها مستغلاً موت الحليف الأساسي الملك ” فولك” ملك مملكة القدس الفرنجية، وعلى الرغم من وصول الخبر إلى الرها من تقدم عماد الدين زنكي لحصار الرها إلا أنه لم يكن هناك شيء لفعله نظراً لخروج معظم الجيش من الكونتية.

ولإكمال الحصار قام عماد الدين بنصب المنجنيقات وبدأ بحفر الأسوار. ومع أن أهل المدينة حاولوا مقاومة الحصار لكن  الخبرة كانت تنقصهم وبقيت عدة أبراج بدون رجال للحماية. استغل الزنكي ذلك وحطم جزء من السور قرب بوابة الأحصنة ودخل منه إلى المدينة. وقد أعمل الجيش السيف في كل من لم ينجح في الفرار إلى القلعة، كما مات الكثير دهسا بسبب التزاحم ومنهم المطران هيو الثاني. ولكن سرعان ما أمر عماد الدين بوقف القتل وسمح للمسيحين بالعيش في المدينة بحرية. ثم تسلم القلعة يوم 26 كانون الأول من عام 1144م، وأرسل زنكي للخليفة يبشره بالفتح.

اخراج السلاجقة من العراق

عانى السلاجقة من الحرب التي شنها الخليفة المسترشد والراشد ضدهم وعندما أتاهم خبر إستشهاد الراشد ظنوا أن النصر أصبح حليفهم فصادر السلطان مسعود دار الخلافة وطلب من الخليفة المقتفي لأمر الله نقل عاصمته بغداد الى بلد آخر فرفض المقتفي وأصبح المقتفي يعمل بالسر للقضاء على السلاجقة ولم يكتمل الشهر إلا وقد توفي السلطان مسعود السلجوقي وذلك في عام 1152م.

وبعد ذلك انشغل أمراء السلاجقة بولاية الأمر بعد السلطان مسعود، وخرج جندهم من بغداد لمتابعة هذا الأمر. فاستغل المقتفي هذا الأمر وبنى بمساعدة وزيره ابن هبيرة جيشاً خالياً من العنصر التركي وأعلن نهاية نفوذ السلاجقة. كما زاد من تحصينات بغداد وبنى خطوطا للدفاع.

ولما رفض السلطان السلجوقي الجديد محمد وحاول دخول بغداد هزمه العباسيين بقيادة المقتفي، وعادت الخلافة العباسية لسابق عهدها وبسطت نفوذها على أراضيها. كذلك جند المقتفي الجند وقاد الجيوش وانتصر على أعدائه واشتدت شوكته وعظم سلطانه. ولأجل ألا يفوته شيء بذل الأموال في تتبع الأخبار، فأمر ونهى ولم ترد له راية وبقي إلى أن توفي وهو في هيبة وعلو.

الحياة الشخصية:

تزوج المقتفي لأمر الله من فاطمة خاتون وأنجب أحمد المستظهر بالله.

الوفاة:

توفي المقتفي لأمر الله في يوم الجمعة تاريخ 2 ربيع الأول 555هـ الموافق 16 مارس 1060م، بسبب مرضه بعلة التراقي، وقيل بدمل في عنقه عن عمر ناهز ال66عاماً إلا 28يوماً.

الجوائز والتكريمات:

• أنتج التلفزيون العراقي عام 1999 مسلسل “المقتفي لأمر الله” عن سيرة حياة الخليفة العباسي المقتفي وهو من إخراج طارق الحمداني.
• كذلك أنتجت عدة أعمال عربية أخرى كان المقتفي شخصية أساسية يها أو محور أحداثها.
• ألفت عنه كتب كثيرة، كما سميت باسمه مساجد وساحات عدة في العراق وغيرها.

الأقوال:

قال ابن السمعاني في المقتفي لأمر الله:

• ” كان محمود السيرة، مشكور الدولة، يرجع إلى دين وعقل وفضل ورأي وسياسة. جدد معالم الإمامة، ومهد رسوم الخلافة، وباشر الأمور بنفسة، وغزا غير مرة، وامتدت أيامه”.

ويقول أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي:

• ” كانت أيام المقتفي نضرة بالعدل (مليئة بالعدل) زاهرة بفعل الخيرات وكان على قدم من العبادة قبل أفضاء الأمر إليه، وكان في أول الأمر متشاغلاً بالدين ونسخ العلوم وقراءة القران الكريم، ولم ير مع سماحته ولين جانبة ورأفته بعد المعتصم خليفة في مثل شهامته وصرامته وشجاعته ما خص به من زهده وورعه وعبادته، ولم تزل جيوشه منصورة حيث توجهت”.

المصادر:

• https://elcinema.com/
• https://ar.wikipedia.org/
• https://www.islamweb.net/
• https://sotor.com/